آخر العنقود

الأحد، 13 سبتمبر 2009

هو آخر طفل أو طفلة في سلسلة العائلة ، وعادة ما يكون محور اهتمام والديه، وينال الحصة الأكبر من التدليل، وطلباته في الغالب تكون مُستجابة ، بعكس البِكْر الذي نال حظه من الدلع سابقاً، فآخر العنقود مُشكلته الكبرى عندما يقع بعد عدة أخوات، تخيل أن طفلاً نشأ بين خمسة أخوات، وكان آخرهن ترتيباً، سيكون شغلهن الشاغل، تحمله هذه، وتنزله تلك، ومثل هذا يكون على طول اليوم نظيفاً ولامعاً، وأذكر أن أحد الأطفال نشأ بين أخواته السبع، وحتى عندما بلغ الخامسة، كان يظن نفسه بنتاً، وعندما يطلب شيئاً يطلبه بصيغة المؤنث، مثلاً إذا أراد كوباً من الماء يقول: أنا عطشانة، ونشأ هذا الولد مُنعّماً ولم يستقم أمره إلاّ بعد أن بلغ العاشرة.!

آخر العنقود الذي ينشأ بين أخوة من الذكور، يَشبّ خشناً ويعتاد على الصراع، لأن أخيه البكر يحاول أن يجرّب فيه رجولته الوليدة بأن يصفعه بين الفينة والأخرى، ويضطر أن يقتلع لعبته المفضلة من بين براثن أخيه الأوسط بعد عراك مستميت، وهكذا يعتاد على الخشونة ويتطلب منه الأمر أن يكون متيناً على الدوام، ومثل هذا يتعلم كل طباع إخوته الكبار، ويضيف إليها خبرته الخاصة، علاوة على أنه لديه سنداً قوياً وهم والديه، فيلجأ إلي أحدهما عندما يحمى الوطيس وتشتد عليه البأس والهجمات من إخوته الكبار.

ما سبق من قول ليس قاعدة ثابتة يتبعها أي آخر عنقود في الكون، فالكثير يشذ ّعنها، وأذكر أن جيراننا لديهم طفلٌ صغير أتى بعد فتاتين يسبقانه بأربع وست سنوات على التوالي، ومنذ بلوغه الرابعة من عمره صار يُمارس عليهن دور الأخ الأكبر، على الرغم من أنه الأصغر وطوله لا يتعدى المتر، فإذا أرادت إحدى أخواته الخروج من المنزل لأي سبب كان، يقف لها عند الباب حاملاً سوطه، ويمنعها الخروج إذا كان مشوارها غير ذي أهمية، ولا يتورع عن استخدام سوطه إذا دعت الضرورة.

إذا كان آخر العنقود طفلة نشأت بين عدة أولاد، ستُقلدهم في كلّ صغيرة وكبيرة، وقد تتمنى في داخل نفسها أن تكون ولداً، حتى تنعم بالحريات المتاحة لهم فيما بعد، وتبدأ بتقليدهم في اللبس، وتشب خشنة نوعاً ما لأنها ستضطر أن تدافع عن نفسها وممتلكاتها عندما يمسك أخاها الأوسط بعروستها البلاستيكية ويتسلى بقطع رأسها وزراعيها ونتف شعرها، حينها ستدخل معه في معركة ضارية للذود عن لعبتها، ومع كثرة المشاحنات بينها وأخوتها الكبار، رويداً رويداً تصير خشنة كالأولاد، وعادة ما تتغير طباعها عندما تكبر قليلاً، وتظهر عليها معالم الأنوثة.

آخر العنقود أكثر ما يتعبه مقولة (صغير القوم خادمهم)، فهو عُرضة لخدمة أي شخص أكبر، يرسله لجلب شيء ما من البقالة، يعود فترجعه والدته لجلب زيت الطعام، عندما يعود من السوبر ماركت حاملاً الزيت، يتم إرجاعه مرة أخرى للثوم، وبعد أن يصل يكلّفونه بالذهاب إلى المخبز لإحضار الرغيف، وحتى داخل البيت، تجد أن إخوته الكُسالى يرسلونه لإحضار كوب ماء من الثلاجة على رأس كل خمس دقائق.


2 التعليقات:

جــمــال يقول...

بارك الله فيك أخي أسامة جاب الدين ...
بصراحة مدونتك جميلة و الشئ الذي زادها جمالا أكثر
هو تدويناتك الشيقة .
بالنسبة لموضوعك هذا أنا أوافقك فيه الرأي.
و الله اعجبني كثيرا بحيث أنك تناولت الموضوع بروعة و بشكل متناهي التنسيق.
فتحدثت فيه عن كل الجوانب من نشأة آخر العنقود بين اخوات بنات ، ثم الى نشاته بين اخوة ذكور ، بعدها انتقلت الى العكس اذا كان آخر العنقود بنت و عن نشأتها بين الذكور ...

كلامك صحيح مئة بالمئة...أكيد أنت دارس علم النفس.
أخيرا أرجو أن تعذرني على الإطالة في الكلام
و تقبل مروري

أخوك جمال من مدونة الشبكة

أسامة.. يقول...

تحياتي أستاذ جمال .. أشكرك على كلماتك الطيبة .. وأنا للأسف لم أدرس علم نفس وإن كنت أتمنى

إرسال تعليق