إنّ المعُلّم لا يعيش طويلا

الخميس، 10 سبتمبر 2009

أن تكون مهنتك مُعَلّماً هذا معناه أنّك تتحمل الكثير من الصعاب والمِحَن، فـ حسب تجربتي القصيرة جداً في التعليم لمدة عامين دراسيين فقط، إلاّ أنني خرجت بأن المُعلم يشقى كثيراً ويجد قليلاً، كنت أُدرّس مادتين لـ فصل دراسي مكوناً من مائة تلميذ، تخيّل معي أنني أصحح يومياً أكثر من مائتي كراسة، وأكثر شيء ممل أن تحاول شرح مسألة صعبة لتلميذ بطيء الفهم، أن تكون مُعلّماً أنت مطالبٌ بترسيخ فهم المادة وتذليلها لطلاّب فيهم الذكي جداً وفيهم المتأخر الذكاء وفيهم المهمل لدروسه وفيهم العاصي والذي أجبره أهله على الدراسة، ومنهم من لا يحترم المعلّم، ولم يسمع ببيت شوقي: قم للمعلّم ووفه التبجيلاً ومن التلاميذ من لا يؤمن بأنه كاد المعلّم أن يكون رسولا، مهنة التعليم مهنة مُتعبة، ومن المفترض أن يكون المعلّم أعلى الموظفين راتباً، ولكن يحدث العكس، تجد أن رواتب المُعلّمين من أقلّ الرواتب في الدولة، بغضّ النظر عن رسالته السامية كـ مُربٍّ للأجيال، فالمعلم مع كل ما يعانيه يستحقّ أكثر

أذكر هنا قصيدة إبراهيم طوقان الذي عانى كثيراً في مهنة التعليم وردّ على قصيدة شوقى بسخرية فهو يقول:

(شوقي) يقول – وما درى بمصيبتي
"
قم للمعلم وفّه التبجيلا"
اقعد, فديتك، هل يكون مبجلاً
من كان للنشء الصغار خليلاً..!

ويكاد (يفلقني) الأمير بقوله:
كاد المعلم ان يكون رسولا..!

لو جرّب التعليم (شوقي) ساعة
لقضى الحياة شقاوة وخمولاً
حسب المعلم غمَّة وكآبة
مرأى (الدفاتر) بكرة وأصيلا
مائة على مائة إذا هي صلِّحت
وجد العمى نحو العيون سبيلا
ولو أنَّ في "التصليح" نفعاً يرتجى
وأبيك، لم أكُ بالعيون بخيلا
لكنْ أُصلّح غلطة نحوية مثلاً،
واتخذ "الكتاب" دليلا
مستشهداً بالغرّ من آياته
أو "بالحديث" مفصلاً تفصيلا
وأغوص في الشعر القديم فأنتقي
ما ليس ملتبساً ولا مبذولاً
وأكاد أبعث (سيبويه) في البلى
وذويه من أهل القرون الأولى
فأرى (حماراً) بعد ذلك كلّه
رفَعَ المضاف إليه والمفعولا!!.
لا تعجبوا إن صحتُ يوماً صيحة
ووقعت ما بين " البنوك" قتيلاً
يا من يريد الانتحار وجدته
إنّ المعلم لا يعيش طويلاً!

0 التعليقات:

إرسال تعليق