نعم لك الأولى .. ولكن

الاثنين، 12 أكتوبر 2009

قبل أكثر من تسعة أعوام، وأنا في المرحلة الثانوية، تذكرتُ حصة التربية الإسلامية التي كانت عن (غض البصر)، حيث قال لنا الأستاذ أن النظرة الأولى لك والثانية عليك، ووضح لنا أن النظرة الأولى لأي فتاة لا تحاسب عليها وليس عليك إثم، أما إذا نظرت مرة أخرى سيقع الذنب لا محالة، وسيقوم المَلك المُكلف بكتابة السيئات بتسجيلها لك سيئة كاملة الدسم، بعد أن قال قولته رفع طالب يده ليسأل، وكان سؤاله:

- يا أستاذ .. هل النظرة الأولى تعني أن أطيل النظر في الفتاة حتى تلّف بالشارع المقابل.؟

ضحك الجميع من سؤاله، ولكنه كان سؤالاً يدور في دواخلنا آنذاك، أجاب الأستاذ بأن النظرة الأولى تعني أن تعرف فقط أنها فتاة، وبمجرد أن عرفت ذلك ستصير النظرة الثانية حرام شرعاً.!

هززنا رؤوسنا بعلامة الفهم، والبعض هزّ رأسه دلالة على الإحباط، إذ أنه كان يتمنى أن يملأ بصره ويستثمر هذه النظرة بأسلوب يتيح له النظر حتى تختفي الفتاة في الأفق.

ومن العجائب أنني حتى الآن أصادف بعض الكبار، بل وبعض المتزوجين من يجول ببصره في الحسان الغاديات والرائحات في الأسواق وفي الشوارع، وعندما تقول له غُض بصرك أيها التعيس، يقول لك أنها النظرة الأولى وهي مصّرحٌ بها، ولستُ أدري كيف يمكن أن يكون مُصرّحاً بنظرة مدتها عشرة دقائق يسيل لها اللعاب من جانبي فم صاحبها.

وتجد بعض الشباب أن هوايته المفضلّة هي النظر في بنات حواء، ويدافع عن مبدأه وكأن النظر إلى بنات حواء هو رسالته في الحياة، وحجّته في ذلك أنه ينظر بعينيه فقط، فهو حسب رأيه لا يضّر أحداً من خلق الله، ولكنه نسى أن النظرة سهم من سهام إبليس، وعليها إثم، وربّ نظرة تتبعها معصية من الكبائر تبعد صاحبها من المولى مسافة لا يتخيلها بعقله القاصر.

في إحدى خطب الجمعة قال الإمام كلاماً لست أدري أين إثباته ولكنني أؤمن به، قال إن الجزاء من جنس العمل، وكذلك أن الثواب من جنس العمل، وأن المرء عندما يُدمن النظر في الحسان، واحدٌ من عواقب فعلته أن قلبه يتغلّف بالغفلة وعدم الإدراك الصحيح للكثير من الأمور، أما من يغضّ بصره، من باب طاعة الله، ومن باب (من ترك شيئاً لله عوّضه الله خيرا منه)، فهذا يكافئه الله بالفراسة والحكمة والنظرة الثاقبة للأمور.

وحقيقة وجدّتُ أن كلامه منطقي جداً، بعض الأمور الدينية قد لا تجد لها دليلاً في الكتاب والسنة، ولكنّها تمس شغاف قلبك وتقتنع بها، وقد لمستُ هذه الحقيقة من خلال ملاحظاتي في الناس، ووجدتُ كلام هذا الشيخ ينطبق تماماً على كثير منهم، تجد أن التقي القويم الذي يرسل نظره إلى الأرض، قد حباه الله ببعد النظر في الأمور، أما السفيه الذي تسرح عيناه حيثما اتفق، تجده غافلاً.!

أسال الله أن يعفّ أبصارنا، وأن يعييننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، إنه على كلّ شيء قدير.!



3 التعليقات:

اللهم أعنا على غض ابصارنا

أسامة.. يقول...

ونحن من خلفك نردد: اللهم آآآآمين.

غير معرف يقول...

هذه المقالة رقم عشرين تقريبا التآمر اقرارها اليوم فى مدونتك والممدونة ممتازة جدا وانشأت الله سوف أكون من المتابعين لها دائما مع انها المرة الاولى التآمر أمورها

إرسال تعليق