ديوك لا تعرف الزمن

الثلاثاء، 13 أكتوبر 2009

كنتُ أعتقد أن الديك لا يصيح من فراغ، وأنه يعرف وقت صلاة الفجر بالفطرة، ولكن خاب ظنّي بعد تجربة مررتُ بها مع أحد الديوك الغبية، الذي إما أن بوصلته قد اختلّت، أو أنه ديك أحمق.! ولهذا قصة.

أهلنا في القرى والبوادي، قبل أن تدخل عليهم الساعات وأجهزة الراديو والموبايلات، كان الزمن عندهم يقاس بالصلوات الخمس، وهذا يتعتبر تقسيماً سليماً للزمن في تلك الأيام، فـ القياس يكون على سبيل المثال: بعد العصر، قبل العشاء، بين المغرب والعشاء، وهكذا .. وهذا يعود إلى أنهم لا يحتاجون إلى حساب الساعات والدقائق، والزمن عندهم يمشى الهوينى كما يمشى الوجي الوحل.!

أما الآن، ونحن في المُدن، أحتار كثيراً في الزمن الذي لا تكاد تشعر بمروره، وصار الناس أكثر انشغالاً، حتى أنك تحتار كيف يجدون الزمن الكافي للتنفس، ولولا أنه يتم رغماً عنهم لتركوه.!

نعود إلى القرية، التي لا يحتاج أهلها إلى قياس الزمن إلاّ لمعرفة مواقيت الصلاة، وهذه نفسها يعرفونها بالخبرة، أو بصياح الديوك، وهذا الأسلوب يستخدم لصلاة الفجر غالباً، لأن صياح الديك في منتصف النهار غير مضمون، وأحياناً في صلاة الفجر ذاتها تختلط عليه الأمور.!

أذكر ذات مرة دعتني الظروف للمبيت في قرية بها كمية هائلة من الديوك الأصلية ذات الحناجر القوية، وفي وقت ما من الليل، إذا به تصيح كل ديوك القرية في آن واحد، وكان هنالك ثمة ديك يعتلي الحائط الذي أنام بقربه، كان يصيح بأعلى صوته، وكأنه يتقاضى راتباً في صياحه هذا، أو كأن هذا العمل وقع له في عطاء، استيقظت من نومي فزعاً، وقلت في سرّي:

- ما الذي يحدث؟ ما بال هذه الديوك، أتمنى لو هجم عليها ثعلب مكّار فأراحني منها ومن صياحها.!!

نظرت إلي الساعة فوجدتها الثانية صباحاً، أي أنه ليس وقت الفجر، اللهم إلاّ إذا كانت هذه ديوك مُخصصة لقيام الليل، وحتى القيام يكون في الثلث الأخير من الليل، أي بعد الثالثة صباحاً على أقل تقدير، ألقيت نظرة على الجدار ورأيت ذلك الديك المزعج لا زال يصيح، رميته بعدد من الحجارة، فلم يسكت، وأخيراً اضطررت أن أقوم بنفسي لخنقه، ولكنه طار وأعتلى أعلى مكان في البيت البسيط، بالطبع تركته، إذ ليس من الحكمة مطاردة ديك في الثانية صباحاً، وصار يمارس هوايته في الصياح حتى الصباح، وأنا بالطبع جلستُ في وسط السرير أعدّ الدقائق والثواني بانتظار الفجر، إذ أنني من النوع الذي لا يستطيع النوم تحت ديك يصيح بأعلى صوته.!

أشرقت شمس الصباح، واستقبلتُ صاحب البيت بعينين حمراوين من السهر، ورأسٌ أنهكه الصداع من الصياح، وقبل أن يسألني ما الذي حلّ بي قلت له:

- والله يا ابن العم .. لو أن هذا الديك في بيتنا لأدخلته الفرن قبل أن يقوم من مقامه.!


2 التعليقات:

لمى هلول يقول...

امكن كان فى ملايكة ورحمة من الله على القرية
ماتكون فى ام ضوانا بان ولا حته كدة بتاعة شيوخ
يعنى ساى ضيعت عليك الوقت
كان تقوم تدعوا باى حاجه
غايتوا فاتت عليك
ههههههه
قصة اعجبتنى جدا لكنى غيرت نظرتى فى الديوك
العتيقة دى

تيلم اسامة

أسامة.. يقول...

والله كانت فكرة .. المرة الجاية إن شاء الله

إرسال تعليق