عندما يختفي الكذب

الخميس، 10 ديسمبر 2009

أعجبتني جداً قصة بينيكيو Pinocchio ذلك الطفل الذي يزداد طول أنفه كلما أطلق كذبة ما، وهي قصة إيطالية كتبها كارلو كولودي Carlo Collodi في العام 1833م، وبينوكيو في الأصل كان دمية صنعها نجار محترف، وتمنى ذات يوم أن تصبح الدمية طفل حقيقي، وسمعته ساحرة أتيت بالليل والناس نيام، وحوّلت الدمية إلى طفل حقيقي، وحتى يُرسّخ الكاتب مفهوم الصدق في شخصية القصة الأساسية، أضاف أهم ما في القصة، وهو أن الساحرة جعلت أنف بينيكيو يتمدد كلما كذب.!

أتمنى من الله عز وجل أن يخترع عالم ما اختراعاً يجعل أنوف الناس تطول إذا كذب أحدهم.! لأن كل مصائبنا الجسام هذه الأيام سببها الكذب والنفاق، الموظفون ينافقون المدير، المدير يكذب على من هم أعلى منه، الولد يكذب على والديه، الرجل يكذب على زوجته والعكس صحيح، الكذب ينحدر من الأعلى للأسفل .. ومن تحت إلى فوق .. الناس تكذب رأسياً وأفقياً .. تكذب رأساً على عقب .. وتكذب عقباً على رأس ..تكذب مجاملة .. وقصداً .. ومكراً .. وخديعة .. أنت تكذب .. وأنا أكذب.. كل الناس تكذب .. وأحياناً تتحرى الكذب في كل عبارة تنطقها .. بالطبع لا أقصد كل الناس مطلقاً.. هنالك من رحم ربي .. وأنت بالذات طبعاً لا أقصدك بتاتاً ..

يمكنني تصور سيناريو خفيف لهذه الدراما:

يأتي المواطن إلى مكتب المدير المسئول، ويسأل السكرتير:

- هل المدير موجود؟

تجيبه الفتاة وهي منشغلة بتقليم أظافرها، وهذه صارت عادة للسكرتيرات، من النادر أن تتحدث مع سكرتير ولا تجدها مشغولة بأظافرها، بالطبع هنا تجيبه بالأسطوانة المشروخة إياها:

- المدير في اجتماع.!

في حين أن المدير في هذه اللحظة بالذات موجود، وليس لديه أي اجتماع، بل ويتابع في إحدى القنوات الفضائية.!

هنا يجد المواطن أن أنف السكرتيرة -من كثرة الأكاذيب- صار طويلاً جداً لدرجة أنه اصطدم به وكاد أن يرميه أرضاً.!

ومع مرور الزمن لن يكذب أحد على آخر .. سيشيع الصدق .. وستحل الكثير .. الكثير جداً من المشاكل .. ولكن أنا متأكد تماماً .. إذا اخترعوا اخترعاً كهذا .. سيتم تقويضه وسحب من السوق سريعاً .. لأن الناس يا عزيزي من المستحيل أن تعيش بلا كذب .. فالمكان الوحيد الذي لا يكذب فيه أحد .. هو الجنة.!!



0 التعليقات:

إرسال تعليق