من منافع وفوائد وعجائب الأرق

الأربعاء، 27 يناير 2010

لعل أقرب تعريف له في متناول اليد أن: الأرق هو عدم النوم، وتتفاوت الأسباب، هنالك من يمتنع عن النوم لأن نام بالنهار أكثر من اللازم، وغيره جافاه النوم نسبة لتناوله كذا طن (تقريباً) من الشاي أو مشروب القهوة البرازيلية المركزة، ذاك له مرض يحميه النوم، وهذا لا يعرف له سبباً، وتتعدد الأسباب والأرق واحد.!

لي تجارب وخبرة لا بأس بها عن النوم والأرق، فـ النوم له لحظات سحرية، إذا صادفتها قد ترقد كلوح من الخشب، ولا تستيقظ إلا في الصباح، أما إذا لم تصادفها، أو صادفتها وكنت أحمقاً مثلي وتجاهلتها، ستجد نفسك مُفتّح العينين كالتمساح حتى تشرق الشمس، وتصبح أنت والنعاس كـ خطين متوازيين، وتتمنى أن تأتيك سِنة من الكرى ولو بمليون دولار، وتحاول أن تستحلب النوم بشتى السبل، كأن تطفئ كل الإضاءة بالمنزل، وتغطي رأسك بالوسادة، وتغيّر السرير، بل والغرفة ذاتها، تفتح جهاز التكييف وتغلقه مرة أخرى، ولكن كل هذا لن يجدى نفعاً، فالنوم عندما يهرب من الجفون، من الصعب استعادته بمثل هذه الوسائل التي لم تنجح مع أحد حتى الآن.!

موضوع هذا المقال هو: كيف تستفيد من الأرق، وهنا بعد أن تقتنع تماماً من أنك لن تستطيع النوم، أول شيء يجب عمله هو أن تطرد فكرة النوم من رأسك تماماً، وتنهض من سريرك الكريم، وتفتح الإضاءة في غرفتك إلى درجتها القصوى، حاول أن تحصل على حمام دافئ أو بارد حسب درجة حرارة الجو في بلدك، وفكر بعدها كيف ستقضي بقية ساعات الليل.!

هنا تبرز أهمية أن تكون لديك هواية تمارسها، إذا كنت من محبي القراءة، فأنت من المحظوظين، فأنا أحياناً أتمنى قراءة كتاب ما، ويداهمني النوم سريعاً، حتى أتمنى لو أنني أصبت بالأرق ولو بمعدل خمسين ساعة كل أسبوع، حتى أستطيع قراءة الكتب المتراكمة بحوزتي، إذن القاعدة هي: إذا أصبت بالأرق ذات ليلة ما، وكنت من هواة القراءة، أختر أضخم كتاب عندك، من الأفضل أن يكون ورقه من القطع الكبير، أعتقد أن (كتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني) يكفي لهذا الغرض، أو اختر أي كتاب من نوع الألف صفحة إن أمكن، وإن لم يمكن يا عزيزي اختار أي كتاب والسلام، وأمسك بورقة وقلم، اقرأ وسجل ملاحظاتك، أو دوّن بعض الجمل والعبارات التي تظن أنك ستحتاجها ذات يوم.!

إذا كنت ممن لا شأن لهم بالقراءة، ولهم شأن بالتلفزيون، افتحه يا أخي، فهنالك من القنوات المفيدة وغيرها ممن تعمل حتى الصباح، وضَعها أصحابها لذوي الأرق من أمثال شخصك الكريم، وحاول أن تركز على قناة واحدة، لأنك إذا أردتها تجربة كل واحدة، سيصبح عليك صباح اليوم بعد التالي، ويجدك لا زلت تحاول أن تستقر على واحدة.!

ورد في الموسوعة الحرة بعض عادات الشعوب التي يستخدمونها في التخلص من الأرق، منها أنه في أمريكا يتثاءب المواطن عشرة مرات متتالية، فيعمل التثاؤب على استرخاء العضلات، وتغرق في النوم، ومما يدعوني واثقاً أن أصف الأمريكان بالنصب والاحتيال، أن هذه الطريقة جربتها ملايين المرات (تقريباً) ولكنها لم تنجح معي بتاتاً، ويقولون أنه في فرنسا ينصحون المصاب بالأرق باستبدال الملاءة بأخرى، وبعدها يأتيك النوم طائعاً مختاراً يجرجر أذياله، الفرنسيون كذلك من الواضح أنهم تعلموا النصب من الأمريكان، بعض الأرق يا أحبتي لا يذهب حتى ولو استبدلت القارة التي تسكن فيها بقارة أخرى.

أما في الهند يقولون أن (رقصة الفيل) هي الطريقة الأمثل للتغلب على الأرق.!! ويؤكدون بأن المصاب بالأرق من الأفضل له أن اهتزازات الفيل ببطء، ورتابة الحركة هي التي ستأتي له بالخمول والنوم... عموماً .. أنا لم أر فيلاً يرقص أو يهتز في حياتي، ولكنني من هنا مباشرة سأذهب إلى يوتيوب لأبحث عن رقصة الفيل .. تمنوا لي التوفيق.!!


من فوائد انقطاع التيار الكهربائي

الثلاثاء، 5 يناير 2010

في هذه الأيام صار أفراد الأسرة الواحدة لا يجتمعون في البيت إلاّ في لحظات قليلة .. قد تعادل خمسة دقائق كل أسبوع .. الكل منشغل بعالمه الخاص .. ولا يجمعه مع إخوانه في البيت إلا الوجبات .. وأحياناً هذه ذاتها لا تفلح في لمّ شملهم.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في ذلك اليوم قطع التيار الكهربائي وساد الظلام في أرجاء بيتنا.. استاء جميع إخوتي في المنزل من هذا الانقطاع الذي أحدث خلاً في برامجهم أو هكذا كانوا يظنون.

× خرج أخي التوأم من غرفته التي كان لا يخرج منها إلاّ في مواعيد الوجبات.!

× خرجت أمي من المطبخ.!

× انتزع أخي الصغير نفسه من أمام التلفزيون الذي كان لا يفارقه إلاّ نادراً.!

× اضطر أخي الأصغر إلى رمي يد ألعاب الفيديو (البلي استيشن) الذي صار بلا حياة بعد أن فارقه التيار الكهربائي.!

× أنا شخصياً قمتُ بصعوبة من أمام الكمبيوتر الذي لا أفارقه إلاّ لماماً.!

× خرجوا من غرفهم جميعاً .. وجلسنا معاً.!

× هكذا اجتمع كل أفراد الأسرة على ضوء شمعة يترقرق ضوئها بحياء أمام نسمات الهواء فلا هو استطاع أن يطفئها .. ولا هي تريد الاستسلام.!

× كنا لا نجتمع إلاّ في أيام معينة .. وفي مائدة الطعام غالباً.!

× ولكن انقطاع الكهرباء في ذلك اليوم كان له الفضل الأكبر في لمّ شملنا وناقشنا أحوال ومشاكل بعضنا.!

× استرجعنا ذكريات قديمة ملئت أنفسنا بالشجن.!

× تذكرنا أيام كنّا أطفالاً .. حكت لنا والدتي كيف كنّا في طفولتنا الشقية.!

× سرد لنا أخي الصغير ذكرياته في الجامعة.!

× أخي التوأم زاد الجلسة بهاءاً بمرحه المعهود.!

× ضحكنا ومرحنا وكانت هذه من الجلسات السعيدة التي تعلق بالذاكرة طويلاً.!

× على ضوء الشمعة الشاحب تأملتُ في الوجوه المرحة والسعيدة وتمنيت ألا يأتي التيار الكهربائي حتى الغد.!

× ولكن هيهات .. كعادة الرياح التي تأتي بما لا تشتهي سفن العبد لله .. لم أكد أنتهي من هذا الخاطر .. حتى عادت الكهرباء.. وأضاءت الأنوار في الديار.!

× بعدها مباشرة استأذن أخي الصغير وذهب ليفتح التلفزيون.!

× دخل أخي التوأم لغرفته.!

× عاد أخي الأصغر إلى (البلي استيشن).!

× دخلت أمي إلى المطبخ.!

× رجعت أنا إلى الكمبيوتر.!

× عاد كلّ واحد منا إلى ما كان عليه.!

× تمنيت من أعماق قلبي أن يقطع التيار الكهربائي في هذه المواعيد دائماً.!

× ولو مرّة في كل شهر.!