عادات سودانية جميلة: الجودية - الأجاويد - الأجواد

السبت، 26 ديسمبر 2009

الجودية في العامية السودانية هي عملية الصلح بين المتخاصمين، والصلح قد يكون بين الزوج وزوجته، أو بين الابن ووالده، أو بين قبيلة وأخرى، وعلى العموم الجودية هي الفصل في الخصام وإرضاء المتخاصمين أياً كانت أطرافهم، والأجاويد هم الذين يقومون بهذه العملية، ويسمى الواحد منهم أجواد، مع العلم أن الأجاويد يقومون بهذه الفضيلة لوجه الله تعالى، ولا ينتظرون من أحد حمداً ولا شكوراً.

الجودية من العادات السودانية الأصيلة، بل هي من أفضل العادات التي يتميز بها شعب السودان، أن ترضي بين متخاصمين، فهذا ليس بالشيء الهين، فأحياناً تجد في بعض القرى خصام بين قبيلتين يدوم عشرات السنين، وقد تسيل فيه الدماء، فيتطوع مجموعة من الناس، يتسمون بالحكمة ورجاحة العقل، فيجتمعون بالمتخاصمين في جلسة ما، عادة ما تكون في الهواء الطلق، وكل منهم يطرح مشكلته، ويتم حل المشكلة بعد إرضاء الجميع، وتعود القلوب إلى صفائها، وتسيل مياه الود في جداول علاقاتهم الاجتماعية كما كانت، وينسون خصامهم ويقلبون صفحة جديدة في حياتهم.

الصفات المطلوبة في الأجاويد هي أن تكون سيرتهم حسنة بين الجميع، لم يسبق لأحدهم أن ارتكب جريمة مخلة بالشرف، ومن الضروري أن يتسم الأجواد بالصدق والسمعة الطيبة، وأن تكون كلمته مسموعة ومحل صدق بين أفراد مجتمعه، وأن يتصف بالحياد، فلا يميل إلى جانب ويترك آخر، وفي القرى عادة ما يكون الأجواد شيخ القرية أو إمام الجامع أو العمدة، لأن أي من هؤلاء كلمته مسموعة بين الناس، ومحل ثقة بينهم.

عدد الأجاويد يتناسب طردياً مع حجم المشكلة، فـ كلما كانت المشكلة كبيرة، كان أجاويدها أكثر عددا، والعكس هو الصحيح، افترض أن زوجة ما تخاصمت مع زوجها، ووصلت علاقتهم إلى طريق مسدود، ووقع الطلاق بينهما، مثل هذه المشكلة عادة ما يكون أجاويدها لا يتعدون الثلاثة على أكثر تقدير، يذهبون إلى الزوجة، ويجلسون معها ومع ولي أمرها، ويفهمون أبعاد المشكلة، ثم يجلسون مع الرجل ليفهموا منه ما حدث بالضبط، ثم يلمون أطراف الخصام، ويختارون أطايب الكلام، ويدعمونه بآيات من الذكر الحكيم، ويذكروهم بأن الصلح خير، ويطيبون خاطرهم، ويحثون المخطئ منهم على الاعتذار، ثم يعود الود إلى سابق عهده من جديد.

أما المشاكل بين القرى والقبائل، فهذه عادة ما تحتاج إلى أجاويد من طراز رفيع، عادة ما يكونون من ذوي السلطة والمناصب الكبيرة، وكلمتهم تكون مسموعة، وقد يستطيع واحدا منهم أن يحل مشكلة ما دامت عشر سنين في أقل من ساعة.!

كما هي العادة .. المدينة التهمت الكثير من العادات السودانية الجميلة، حيث تجد أن الجودية تقل كلما اتجهت الناس نحو التمدن، بل في المدينة إذا تدخل بعض الأجاويد لحل نزاع ما، قد يتهمونهم المتخاصمين أنفسهم بأنهم يتدخلون فيما لا يعنيهم، ولكن على الرغم من ذلك، تظل الجودية هي البصمة التي تركها أهل السودان في مجتمعاتهم.. وتظل هي الفضيلة التي من حق أي سوداني أن يفتخر بها .. حتى وإن تقادم الزمن الزمن واختفت نهائياً .. ستظل من الفضائل الجميلة التي كانت في مجتمعنا.

6 التعليقات:

حقاً عادة جميلة جداً، قد حث عليها الإسلام كثيراً بل أجاز الكذب أحياناً للإصلاح بين المتخاصمين، أتمنى أن نتخلق بها وإن تمدنا وابتعدنا.

غير معرف يقول...

اي يَ أو (يا) زووووووووووووووووووووووول

غير معرف يقول...

كلام جميل وربنا يوفق النخب الدارفورية بادراج هذه الصفة في مجالات حل الخصومات الناتجة من الدوار المختلفة وشكرا

غير معرف يقول...

بارك الله فيك ...انها حقا عادة تستحق ان تعطى مساحة

غير معرف يقول...

Please let me know if you're looking for a article author for your weblog.
You have some really good posts and I believe I would be a good asset.
If you ever want to take some of the load off,
I'd love to write some content for your blog
in exchange for a link back to mine. Please blast me an
email if interested. Cheers!

Feel free to visit my website: 底妝產品

غير معرف يقول...

Heya i am for the first time here. I found this board and I in
finding It really useful & it helped me out much.
I am hoping to give something again and help others such as you aided me.


Here is my site :: aluminum casting

إرسال تعليق