حسب تجربتي القصيرة ككاتب صحفي آمنتُ واقتنعتُ تماماً بمقولة الحكيم التي نصها
- إنني لا أعرف خطوات النجاح، ولكن أولى خطوات الفشل هي إرضاء جميع الناس.
هذه العبارة يمكن أن تخدم عدة أغراض، ويمكن استعمالها في مختلف المواقف، ولكنني هنا أقصد بها إرضاء القارئ، وأعني بالتحديد قارئ الصحيفة الورقية، فـ مهما كان حجم الكاتب، وقدرته، وبراعته، ومهما كانت روعة كتاباته، فإنه من المستحيل أن يرضي جميع القراء، وهذه مُجرّبة ولا يستطيع أن يناقش فيها أحد، لأن طبيعة البشر مجبولة على ألا تلتزم بمنهج واحد، أو تقبل أسلوب واحد، فـ البشر اختلفوا في الكتب المنزلة من السماء، فما بالك بكاتب ينطق عن الهوى.؟!
والكاتب بمختلف أقسامه، الصحفي، الأديب، ..إلخ، حساسٌ فيما يكتبه، ومهما اتسع مكيال صبره، وارتفعت درجة تقبلّه للنقد، فإنه يتأثر بالآراء السالبة التي يبديها القراء والنقاد في كتاباته، وتجد الكاتب عكس الجميع مُعرّضٌ لإحباطات كثيرة، فرّب كلمة جارحة يرسلها له قارئ تحبطه وتجعله لا يستطيع الكتابة ليوم كامل، وبالمقابل تجد أن الكاتب يتأثّر إيجابياً بالإطراء، فهو يحفّزه ويدفعه للأمام ويعطيه الدافع لكي يكتب أكثر وأكثر، ويجعله يجوّد كتاباته بقدر المستطاع حتى يكون عند حسن ظنّ قرائه، ولا أعني بذلك أن يتم منافقة الكاتب، فمن الممكن أن ينقده أي قارئ أو ناقد بأسلوب جميل، بكلمات لا تخفي في طيّاتها التشفي والحقد الدفين المجهول السبب، فـ الكاتب في النهاية بشر، معرّض لأن يخطئ ويصيب.
وإذا لاحظت ستجد أن معظم النقاد لا يستطيعون أن يكتبوا حرفاً واحداً مما يكتبه الكاتب، وحتى –بعض- القراء الذين يمارسون دور الناقد، إذا قلت لأحدهم أكتب مائة كلمة في أي موضوع تختاره أنت، ستجده يمثّل دور الذي يعرف الطريق ولكنه لا يعرف القيادة.
أحياناً تصلني رسائل محبطة وسامّة في بريدي الإلكتروني من قرّاء قرئوا واحدا من مقالاتي، فأجد أن هدف النقد منها شعورٌ هو خليط من الحسد والغيظ والتشفّي معاً، وبالمقابل تصلني آراء هادفة أستفيد منها وأشعر أنها ستقدّمني إلى الأمام، فأحاول -ما بين هذه وتلك- أن أوازن ما بين البعد عن الغرور وبين التحصّن ضد الإحباط، وهما الصفا والمروة التي يسعى بينهما الكاتب، وهو في النهاية لن يقدر على إرضاء القُراء، ولكن فليسعى في ذلك ما استطاع إليه سبيلا.!
0 التعليقات:
إرسال تعليق