أحياناً يمرّ عليّ الشهر والشهران ولا أجلس قُبالة تلفزيون، صار ضيق الزمن هو المتحكم في كثير من الأمور كما تعلمون، أحبّ مشاهدة التلفزيون كثيراً، فهو يجمع لك ما بين متعة المشاهدة والاستماع معاً، وقبل أيام فتحت التلفزيون، ومررت بـ زر (الريموت كنترول) على قائمة القنوات لأرى القنوات الجديدة، وهالني ما رأيت، هنالك عشرات إن لم تكن المئات من القنوات الجديدة كليّاً قد نزلت واحتلت مكانها في الفضاء الواسع العريض، إلاّ أن كثير منها لا يرقى إلى مستوى قناة، وقد لاحظت وجود عدد من القنوات ليس بها شيء سوى فتاة ترمي بشعرها ذات اليمين وذات الشمال وهي تبتسم في بلاهة وبلادة، وتسأل المشاهدين أسئلة غبية وفزّورة يستطيع أي قرد أن يحلّها إذا وفرّتَ له ثلاثة أصابع من الموز الاستوائي، والغريب أن معظم المشاهدين المُتصلين لا يعرفون حلّها، وأحياناً تظلّ الفزورة سبعة أيام بلياليها ولا يعرف حلها أحد، ما هذا السخف؟ فـ هذا إما أن يدلّ على أننا أغبى الشعوب في الكون، أو أن هذه القنوات محتالة وتستخف بعقولنا، وأعتقد أن هذا هو الذي يحدث.!
ألاحظ كذلك أن هنالك وفرة في المسلسلات هذه الأيام، صارت كثيرة، أكثر من قدرة المشاهد على متابعتها، وقصصها متكررة، تشاهد أول حلقة وتستطيع أن تتنبأ ببقية الحلقات حتى الأخيرة، ولست أدري لماذا يُصرّون حتى الآن على المسلسلات ذات الثلاثين حلقة، فهي طويلة، ولا يستطيع متابعتها سوى ربّات المنازل، ولا أعتقد أن رجلاً بالغاً عاقلاً مُكلّفاً يستطيع أن يتابع ثلاثين حلقة بدون أن يتخطى واحدة، ولا أدري لماذا لا يخترعون نظام المسلسلات ذات الخمس حلقات، أو العشرة على أكثر تقدير، إذا دخلت البساطة عالم المسلسلات فـ سيريحوننا كثيراً، أنا شخصياً لا أتابع أي مسلسل، ولكن هنالك من يهمهم الأمر، فـ بالنسبة لهم ستكون قصيرة ويمكن متابعتها بسهولة، وغير ذلك تكون الأحداث فيها كثيفة وغير ممطوطة ولا يكثر فيها كاتب السيناريو من الكلام الذي الغرض منه حشو الحلقة بقدر الإمكان، ففي اليابان أحسّوا بأن الزمن لا يسعفهم لسماع أغنية طويلة، فاخترعوا نظام الأغنية ذات الدقيقتين، نعم دقيقتان فقط أو أقل، هذا هو كل ما يملكه الياباني ليُسمع نفسه شيئاً ما، ولكن عندنا هنا، تجد أن ابن آدم واحدٌ فقط، جعل الله في جوفه قلب واحد، تجده يتابع سبعة مسلسلات في اليوم على التوازي، كيف يفعل هذا؟ والله لست أدري؟ فهذه حكمة لا يعلمها إلا الله.
أحب مشاهدة الأفلام الأجنبية على التلفزيون، ولكن المُشكلة هي كثرة الإعلانات، فليس من المعقول ولا من المنطق السليم أن يعرضوا إعلان مدته خمس دقائق بعد كل ربع ساعة في فيلم مدته ساعة ونصف! أحياناً أكون مُندمجاً مع أحداث الفيلم، فيقطعوه عليك ليأتوا لي بإعلان عن محلّ لبيع البيتزا في دبي وأنا في السودان، ولكن هذه أعتبرها ضريبة أن تكون القناة مجانية حتى تستطيع أن تغطي نفقاتها ومنصرفاتها، عموماً أتمنى أن نسمع كل يوم بقناة جديدة نزلت إلى الخدمة ولكن على أن تكون مفيدة للجميع.
0 التعليقات:
إرسال تعليق