رحلتي من القلم إلى لوحة المفاتيح

الثلاثاء، 6 أكتوبر 2009








أفضل هواية لي بعد القراءة مباشرة كانت الكتابة، كنتُ أحب الكتابة كثيراً، أمسك بـ المقرر الدراسي، أبدأ أنقله على دفتري من الغلاف إلى الغلاف، ومع مرور الأيام والشهور، وصلتُ إلى الحادية عشر، اكتشفتُ أنّ لي موهبة في الخط العربي، وجدتُ نفسي أكتب سبعة أنواع من الخطوط العربية بإتقان يثير الإعجاب بالنسبة لصبي صغير، لم أعرف حتى أسمائها في ذلك الوقت، وعرفتُ فيما بعد أنها (خط الرقعة، النسخ، الكوفي، الثُلث، الديواني، الخط (الحديث) أو الحُر، والخطّ الفارسي).

قررتُ أن أصقل هذه الموهبة بالدراسة، لم أدرس كلية الفنون وإن كانت لدي الرغبة، ولكن حاولت أن أجمع أكبر قدر ممكن من كتب تعليم الخط العربي، ومعها بعض الورق الأبيض، وعدّة أنواع من أقلام الخط العربي المُصممة من أعواد البوص التي تُصنع منها المزامير، وهكذا وبعد عدّة أسابيع بعدها صرتُ خطّاطاً وافتتحت محل صغير للخط العربي، كنتُ أصمم اللافتات والشهادات التقديرية التي توزّع في تخريج طلاب الجامعات، وكان يدّر عليّ دخلاً ممتازاً في الإجازات المدرسية.!

مرتّ السنوات، دخلتُ الثانوية، ثم الجامعة، وتركتُ مهنة الخط، إلاّ أنني احتفظتُ بهذه الموهبة، فقد نفعتني كثيراً في حياتي العلمية والعملية، أما الآن، وفي زماننا الحالي، صرتُ نادراً ما أكتب شيء ما بالقلم على ورق، صارت كل كتاباتي تتم بـ بلوحة المفاتيح، التي لم أحسّ معها بالإلفة التي كنتُ أجدها عندما كنتُ أمسك بالقلم وأسطّر به الحروف، صرتُ أشعر بحنين جارف لأن أكتب بالقلم، وأشعر بنشوة كبيرة وأنا ألوى حرف الحاء، اشتاق كثيراً لـ أن أخطّ حرف الألف وهو يمدّ هامته في شموخ، ما أجمل الميم عندما تأتي في نهاية الكلمة في الخط الديواني، ما أحلى منظر السين عندما تكتبها بـ الخط الفارسي، لا أستطيع أن أتصوّر مدى الفرح الذي أحسّ به وأنا أكتب البسملة بـ الخط الثلث، كانت أياماً جميلة لا أظنّها تعود مع سرعة الحياة، ومع دخول الحاسوب في كلّ شيء، كم هي باردة لوحة المفاتيح هذه، ولكنها صارت أمرٌ لا بدّ منه، ومهما تطورّ العلم في مجال الخطوط والكتابة، سيكن حنيني لأولّ منزل، وسيكون كلّ إخلاصي لصديقي القديم (القلم).!


2 التعليقات:

غربهـ يقول...

أسلوبك في تسطير ذكريايك
متسلسل..آسر..ألِق

وعشقك للخط..ووصفك للحروف وكتابتها مؤثر!

أظن أنه مهنة الخطاط..اندثرت
وأخشى أن يأتي يوم لايتعلم فيه اطفالنا الكتابة بالقلم بل عبر الحاسوب!!

أسامة.. يقول...

شكرا جزيلا غربهـ ونسأل الله ألاّ يأتي هذا اليوم ويصبح فيه الخط العربي عبارة عن تراث .. نتمنى ذلك.

إرسال تعليق