في معظم امتحانات المرحلة الابتدائية/الإعدادية/الأولية، تجد أن بها أسئلة من نوع (أجب بلا أو نعم)، ولديّ رأي يخصّني في هذا النوع من الأسئلة، التي من المفترض أن يتم إلغاؤها بالمرة من نظام الامتحانات، قد يعترض أحد ويقول لماذا؟ ولكن بما أنه رأيي الخاص، وبما أنني أنطق عن الهوى، لذا فهو رأي يقبل الصحة والخطأ.!
لديّ تجربة قصيرة جداً في التعليم، كنتُ مُعلّماً متطوّعاً في مرحلة الأساس لمدة عامين دراسيين فقط، ولكن من خلالها عرفت أن أسلوب (أجب بلا أو نعم) سلبياته أكثر من إيجابياته، مثلا تجد في امتحان ما سؤال على هذا النحو:
أجب بلا أو نعم:
- العبادات تباعد بيننا وبين الفواحش ( )
هذا السؤال وجدته في امتحان للتربية الإسلامية للصف الرابع الابتدائي، وهو سؤال سهل كما تراه أنت، ولكنه بالنسبة لطفل في الثانية عشر أكثر من صعب، قد تجد بعض التلاميذ النابهين ممن لا يقف أمامهم هذا السؤال، ولكن هنالك من هم أقّل منهم اجتهاداً، مثل هذه الأسئلة ستزعزع شيئاً من فطرتهم، خصوصاً إذا كانوا من المهملين دروسهم، يجعله هذا السؤال يتساءل بينه وبين نفسه:
- هل تباعد أم لا تباعد؟ وإذا كانت تباعد لماذا نرى بعض الناس يعبدون ويرتكبون السيئات بالجملة والتقسيط؟ وإذا لم تكن تباعد فلماذا يعبد الناس؟
إذن لماذا يُدخل المُعلّمون تلاميذهم في مثل هذه المطبات؟ أتمنى أن يتم إلغاء أسلوب (أجب بلا أو نعم) في كل المواد الدينية، لأنه يخلق بلبلة في عقول من لا يعرفون الإجابة، فليس كل الطلاب يمتلكون الذكاء الكافي لإجابة مثل هذه الأسئلة، من الممكن أن يكون مسموحاً به في مواد أخرى، ولكن ألاّ يمس النظريات والحقائق العلمية والتاريخية الثابتة، لأن التلميذ الذي لا يعرف الإجابة يرسخ في ذهنه السؤال بحالته الراهنة قبل حلّه، مثلا:
أجب بلا أو نعم:
انتقلت الحضارة الإسلامية إلى أوروبا بالطائرات ( )
هذا السؤال ليس من تأليفي بل وجدته في أحد الامتحانات، وهو سؤال مضحك في ظاهره، ولكنه في باطنه ليس كذلك، التلميذ الذي ذاكر جيداً في مادة التاريخ سيجيب عنه بلا تردد بـ (لا)، ولكن التلميذ الذي لم يذاكر سيخمن الإجابة، وبعد الخروج من الامتحان سيرسخ في ذهنه أن الحضارة الإسلامية انتقلت إلى أوروبا بالطائرات.!
وغير هذا الأسلوب توجد أساليب أكثر عُقماً مثل (ضع دائرة حول رقم الإجابة الصحيحة)، وهذا الأسلوب يعتمد أحياناً على التخمين فقط، بالنسبة لغير المجتهدين، وأعتقد أن الأسلوب التحريري أفضل، مثل أسلوب (أكمل الجملة أو العبارة الآتية)، أو (تحدث بإيجاز عن غزو المغول للعراق)، دع الطالب يكتب بنفسه، ولكن عندما تحدد إجاباته بـ لا أو نعم، فهذا حسب رأيي أسلوب عقيم لا يقدّم للطالب أي فائدة، فمن المفترض أن يكون الامتحان به كمٌ من المعلومات المفيدة، لأن ما يُكتب من أسئلة في الامتحان هو ما يرسخ في أذهان التلاميذ، وهي خلاصة ما يخرجون به من العام الدراسي كلّه، وإذا أصر الأساتذة والمعلمون على أسلوب (أجب بلا أو نعم) أتمنى أن يكون كـ الآتي:
الأسد حيوان ضخم من فصيلة السنوريات. تسمى أنثاه لبؤة ويطلق على أطفاله اسم أشبال. أطلق علية ابتداء من القرن الأول الميلادي لقب ملك الغابة، ومن أسماء الأسد في اللغة العربية السبع والليث والهزبر والورد والضرغام وأسامة ويسمى بيته عرين.
أجب بلا أو نعم:
- الأسود من الحيوانات المعرّضة للانقراض ( ).
الإجابة هي (نعم)، وكما ترى أن هذا السؤال نصفه معلومات صافية والنصف الآخر سؤال صافٍ.
أتمنى أن يأتي ذلك اليوم الذي تكون فيه الامتحانات عبارة عن أسلوب لترسيخ المعلومات التي درسها التلاميذ في الفصل، لا أن تكون فقط وسيلة لانتقال الطالب من فصل لفصل أو من مرحلة لمرحة، نتمنى ذلك.!
0 التعليقات:
إرسال تعليق