عادات سودانية جميلة: الكشف

الأربعاء، 30 سبتمبر 2009

(الكَشِف)، بفتح الكاف، وكسر الشين، يعتبر (الكَشِف) من العادات السودانية الجميلة جداً، وتجده كثيراً في الأفراح والأتراح، وحتى أقرّب لك الأمر أكثر، إذا أراد شابّ ما أن يتزوج، يقوم بعمل دعوة (غداء غالباً) يوزّع رقاعها على معارفه وأصدقائه، وعلى سبيل المثال تكون صيغة الدعوة كالآتي:


سبحان من جمع القلوب بفضله *** وعلى رحاب الود عمرها

طاب اللقاء وزاده تشريفكم *** في ليلة قد أشرقت أنوارها

آل أحمد عمر وآل حسن إبراهيم

السيد/ موسى عبد الرحمن حسن

نتشرف بدعوة سيادتكم لتناول وجبة الغداء بمدينة ربك مربع (6) وذلك سادس أيام الفطر المبارك بمناسبة زواج ابننا (سليمان) على كريمة مصطفى عمر (سناء).

ودامت الأفراح

هذا نموذج بسيط لكرت دعوة سوداني، وبعد ذلك يأتي كُل من دُعِي، وبعد الغداء يدفع مبلغ بسيط أو كثير حسب مقدرته، ويسجّل اسمه في دفتر صغير يُسمى (الكَشِف)، وبهذه الأموال يستطيع العريس أن يكمل ما نقص له من متطلبات الزواج، وهذه المجاملة تعتبر ديناً عليه في حالة لبى دعوة أحد من دعاهم، عليه أن يدفع هو كذلك في فرحه مبلغاً يساوي أو أكبر مما دفعوه له، وبعد انتهاء مناسبة الزواج، يعطون العريس كل مبالغ المال ومعها الدفتر المُسمى بـ (الكَشِف) ليعرف من هم الناس الذين وقفوا معه في فرحه حتى يردّ لهم الدين إذا أتتهم مناسبة من قريب أبو بعيد.

دفعك المال وتسجيل اسمك في الدفتر ليس إلزاما، فهنالك الكثيرون ممن يلبون الدعوة ولا يستطيعون أن يدفعوا، وهنالك من لا يأتي بتاتاً إذا لم يكن عنده ما يساهم به، وفي الأرياف والقُرى ليس بالضرورة أن يكون المدفوع في الكشف مالاً نقدياً، من الممكن أن تكون مواد عينية، هذا يأتي بجوال قمح، وذاك بجوال ذرة وآخر بـ خروف، وكلّ حسب استطاعته.

(الكَشِف) يعتبر ظاهرة اجتماعية سودانية حميدة، إذ أنها تشجع الشباب رقيقي الحال على الإقدام للزواج، إذا رغب شاب في الزواج، وكانت بعض مستلزماته ناقصة، يقيم مناسبته على أن يغطي الخسائر من (الكَشِف)، وإذا لاحظت أن عملية (الكَشِف) هذه لا يمكن تطبيقها إلاّ في مجتمع مترابط تسوده الإلفة والتفاهم.

هنالك بعض الشباب لا يرغب في أن يساهم أحد في مناسبة زواجه، وهذا يخبر الناس بذلك، وذلك بطريقة سهلة للغاية، إذا رجعت لنموذج كرت الدعوة ستجد في نهايته عبارة و(دامت الأفراح)، أما من لا يرغب في أن يدفع له أحد يكتب بدلاً عنها (وشكراً)، أما لماذا لا يرغب شخص ما في (الكَشِف)، فهذا أما أنه مُوسر، ولا يحتاج لأحد يساهم معه، أو أنه من الذين لا يجاملون الناس في مناسباتهم، فلا يتوقع أن يجامله أحد، فيقيم الدعوة مجاناً، ورغم هذا قد لا يأتيه الكثير من الناس، لأن من لا يجامل الناس لا يجاملوه.



0 التعليقات:

إرسال تعليق